شهدنا مؤخرًا إنهيار البورصات العالمية أثار قلق المستثمرين والخبراء الإقتصاديين على حد سواء. كان هذا الإنهيار نتيجة لمجموعة من العوامل المتشابكة التي ساهمت في زعزعة إستقرار الأسواق المالية. من بين هذه العوامل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في بعض المناطق الرئيسية في العالم، مثل منطقة الشرق الأوسط التي تشاهد توترات غير مسبوقة نتيجة للتصعيد الإسرائيلي للمنطقة، وكذلك في أوروبا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
من ضمن الأسباب أيضًا هو تأثيرات التضخم المرتفع على الإقتصادات الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعاني من تضخم مرتفع منذ فترة طويلة، وهو ما جعل الكثير من المستثمرين يقومون بسحب أموالهم توقعًا منهم في إتخاذ الفيدرالي الأمريكي خطوات لتقليل قيمة الدولار للسيطرة على هذا التضخم المرتفع في البلاد.
شركات السيارات تأثرت بشكل مباشر نتيجة لهذا الإنهيار، منها نيسان، فولكس فاجن، هوندا، فورد، وغيرهم، ولعل أكبر شركة تأثرت بشكل ضخم جدًا هي شركة تسلا الأمريكية، حيث إنخفض السهم الواحد من 253.5 دولار إلى 215.8 دولار، مما تسبب في خسائر بقيمة تقترب من الـ 100 مليار دولار في يوم واحد فقط!
هل نشاهد أزمة 2008 من جديد؟
بالتأكيد أن هذا الإنهيار يعيد إلى الأذهان ذكريات الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حيث إنهارت الأسواق بشكل مشابه، مما أدى إلى أزمة إقتصادية عالمية.
لكن السؤال المطروح، هل يمكن أن يتكرر سيناريو 2008؟ هناك من يرى أن الظروف الحالية تختلف عن تلك التي كانت سائدة في عام 2008. على الرغم من التشابه في بعض الجوانب، مثل إرتفاع مستويات الديون والمخاطر المرتبطة بالأسواق المالية، إلا أن البنوك المركزية والحكومات اليوم أكثر استعدادًا للتدخل بسرعة وفعالية للحد من الأضرار. الإجراءات الإحترازية التي اتخذتها البنوك المركزية منذ أزمة 2008 قد تساعد في تقليل إحتمالية تكرار إنهيار كبير.
في الوقت نفسه، هناك من يرى أن الأسواق المالية أصبحت أكثر تعقيدًا وتداخلًا مما كانت عليه في السابق، مما يجعلها عرضة لمخاطر غير متوقعة قد تؤدي إلى إنهيار البورصات العالمية من جديد. لذا، من الصعب الجزم بما إذا كان سيناريو 2008 سيتكرر، ولكن من المؤكد أن الحذر والإستعداد هما السبيل الأمثل للتعامل مع هذه الأوضاع المتقلبة.